كلمة الدكتور السيد عقيل الموسوي في ذكرى رحيل الإمام الخميني (ره) – 1442هـ
بسمه تعالى
كلمة الدكتور عقيل الموسوي
الامام الخميني (قد) وعولمة الجهاد:
ربما يبدو العنوان غريباً نوعاً ما ولكن افتراض المصطلحات لا مشاحة فيها كما قال العلماء. تبدو العولمة مظهراً من مظاهر الوجود الاستكباري او هو فرض ذلك الوجود من دون ان يكون للشعوب اي خيارات للرفض او النقاش او حتى القبول.
فاذا ما حاولت قوة او دولة مجرد التفكير في الخروج عن هذا الإطار العام فسيكون مصيرها الدمار وهنا تبدو عبقرية الامام الخميني الراحل (قد) فان سنوات جهاده المريرة ضد التوجهات الاستكبارية كانت في إطار مختلف عن أي اتجاه جهادي اخر ولعل عنوانا كعولمة الجهاد يدعونا للتفكير ملياً في التجربة الجهادية للأمام الراحل (قد) إذ إنها تجربة فريدة من نوعها.
لم تكن القضية الفلسطينية بكل ما تحمل من تنوع في الرؤى واختلاف في التناول والتفسير بعيدة عن تفكير السيد الامام (قد) يوم حطت قدماه ارض الجمهورية الإسلامية.
هل بإمكاننا القول ان فكر الامام الخميني (قد) وتناوله لقضية فلسطين انعكاس او ردة فعل لانتكاسات الواقع المرير والانهزامات المتتالية؟ ربما يكون هذا الاتجاه من التفكير لمن لا يعرف الحياة الجهادية للسيد الامام (قد) وبالتالي فهو تفسير يحاول تفسير ظاهرة يوم القدس العالمي تفسيرا شكلياً لا يتجاوز ظاهر الاعلام ان المتتبع لسنوات الجهاد العظيمة لروح الله الخميني (قد) في إطار المنظومة المعرفية الالهية التي تضع نصب عينيها خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها مطلقاً فهي ثوابت ضرورية لا تقبل التنازل ومنها:
1- رفض الظلم بكل اشكاله …
2- نصره المستضعفين في كل مكان …
3- مقاومة الظالمين مهما استكبروا …
ان تجربة الامام (قد) خلاصة التجربة الإنسانية على وفق النهج الإسلامي الهاضم للروافد القرآنية والسنة النبوية واضعة نصب عينيها الثورة الحسينية الخالدة ومن يراجع كلمات الامام الراحل (قد) يرى ذلك بوضوح. ان تجربة الامام الخميني (قد) الجهادية نقلت مفاهيم الجهاد الحيوية نحو اطر أخرى تجاوزت تقليدية الرد والرد المقابل تجاوزت ذلك كله لتصنع خطاباً موازياً خطاباً يجعل الجهاد بديلا عن الاستكبار اذ أصبح الجهاد وعياً قيميا حضارياً يمثل النمط الحياتي المعاش للصحوة الإسلامية لقد نقل الامام (قد) الجهاد نقلة نوعية تتجاوز حدود المفاهيم الفقهية التقليدية للجهاد وكونه جهاداً دفاعياً او هجومياً بل أصبح وعياً ثقافياً يمثل مقابلاً حضارياً تجاه الغطرسة الاستكبارية الامريكية وحلفائها.
اصبح الجهاد في ظل ثورة الامام الخميني(قده) تصورات حضارية تجاه تصورات حضارية اخرى لقد ادخل الامام (قد) فكرة الجهاد ثيمة وجود مقابل وجود وليست ثيمة صراع وفق اطر محددة تفرضها المطامع الغربية وبالتالي فان الامام (قد) استطاع ان يجعل الجهاد مركزاً للعولمة المقابلة عولمة الاستكبار تقابلها عولمة الجهاد اذ كان الخطاب الجهادي موقعياً تحدده الازمات والظروف ويتبنى معطيات الواقع الاني اما الذي صنعه الامام الراحل فجهاد اخر جهاد يصنع مداه الوجود وعمق الفهم الحضاري للانا والاخر على حد سواء لا ينتظر الامامالخميني(قده) ان يكون رهينة للفعل الاستكباري بل تجاوز ذلك لصنع الفعل الخلاق الذي ينتظره الاخر.
الرؤية الجهادية كانت قبل مجيء الامام الراحل مبنية على فهم الانتظار والترقب للآخر أي كانت مبنية على دراسة الواقع بما هو واقع ولكن في عصر الامام الخميني أصبحت مبنية على صنع الواقع والايجابية تكمن هنا لقد أصبح اعداءه ينتظرون بعدما كان هو ينتظر وأصبح اعداءه يردون على تحركاته بعد ان كان هو من يفعل ذلك. لقد اخرج الامام الراحل(قده) الجهاد من حيز وجود الاخر ليكون في حيز وجود الانا.
ان ما يجري في الساحة يجعلنا امام اختيار الانموذج الواعي للولي الفقيه الساعي للتحذير من خطورة الأفكار الاستكبارية ولملمة الشتات وعدم الانكفاء على الذات العرقية والمذهبية المجزئة لقوى الامة الإسلامية القادرة على اسقاط المخطط الصهيوني الأمريكي في المنطقة وفي ضوء القلق الاستكباري من تعاظم الحركة للمقاومة والذهنية المقاومة فإنها تحاول صناعة الضد النوعي الموهوم في محاولة خداع الشعوب بمسميات كاذبة لتكون على مستوى خط المقاومة طولاً وعرضاً ولكن الاحداث المتلاحقة حسمت المعركة لصالح أفكار المقاومة الاسلامية التي أسسها الامام الخميني (قد) ورفع لوائها السيد الامام الخامنئي (دام ظله) من بعده.
لم تعد تلك المسميات التي طالما خدعت الكثير من الشعوب ان تستمر الى يومنا هذا وما الانتصارات المتلاحقة في العراق الا بفضل الله تعالى ودعم الجمهورية الاسلامية وان المقاومة اليوم تسجيل انتصارات كبيرة في ساحات متعددة من العراق وسوريا وفلسطين وبات النصر إن شاء الله تعالى وشيكاً في اليمن.
هذه الانتصارات تجعلنا امام ثوابت لقراءة الوعي الجهادي عند الامام الخميني (قد) الاستكبار من هو؟ والمستضعفون ومن هم؟ والمقاومة ومالها وما عليها؟ ومن بعد ذلك كله وما علينا نحن؟
نحن امام مسؤولية الهية وامانه تاريخية في تثبيت رؤى الخط الإسلامي الأصيل الرافض للظلم والمعادي للاستكبار.
🕌 مكتب ممثل الإمام الخامنئي (دام ظله) في العراق
http://t.me/WilayahIraq